سوق واقف... } ×

سوق واقف
سوق واقف تاريخ عريق يعود الى ازمنه غابره كانت فيها مدينة الدوحه قرية يقسمها وادي مشيرب الى نصفين وكانت السيول التي تجري من المرتفعات باتجاه البحر تساهم في تعميق هذا الوادي الصغير الذي كان يوميا مسرحا لحركه مد وجزر وكان اهالي الدوحه الذين سكنوا على ضفتي الوادي الشرقيه والغربيه يجتمعون على ضفافه للبيع والشراء ولم تترك مياه البحر الدافقه سوى ممر ضيق دفع الباعه للوقوف طيلة النهار لاستحالة الجلوس على الحواف نظرا لضيق المكان ولذا سمي بـسوق واقف وكان الخريس ( ومعناها الملئ بالمياه ) عباره عن ارض منخفضه اشبه بالوادي تمتد من وادي مشيرب من ناحية الغرب الى الشرق في اتجاه البحر وبفعل الامطار الشتويه تشكلت منطقتان متميزتان هما (( المقبره )) الي الشمال ( وفريج النجاده ) الى الجنوب ولم يجرؤ احد على اقامة دكان او بناء منزل في (( الخريس )) حتى بعد ان تراجع البحر مسافة تبلغ الكيلومتر الواحد عن السوق فتحول الوادي الى شارع يمتد لين سوق واقف وحي النجاده .



ويعني الفريج باللهجه المحليه (( الحي )) او (( المنطقه )) اما النجاده فهم الذين يشكلون من المهاجرين الى قطر في تلك الحقبه .


وكان السوق يضم ثلاثة انواع من المحال:

• العماير وهي المخازن الكبرى التي تتعاطى الاعمال التجاريه بالجمله والمفرق وتخزن مواد البناء والاغذيه كالتمور والارز


• الدكاكين وتحتوي على مختلف المصنوعات اليديوه والحرفيه مثل الخياطه والحياكه والنجاره
• البسطات وهي التي يقيمها الباعه المحليون في الهواء الطلق



كما كان للبدو سوق خاص يقيمونه كل نهار حميس فيه الاخشاب ومنتجات مثل الدهون واليقط وكان مركزهم في البدايه حيث تقع المقبره وبعد ان احيطت بسور اضطر البدو للانتقال الي جنوب القلعه حيث استمروا في بيع الفحم والمنتجات المستخرجه من حليب الماعز والاغنام .
وقد اخذ سوق واقف بالنمو اقتصاديا في القرن العشرين بعد ان نعمت قطر باستقرار سياسي ما شجع الكثيرين على الهجره الى البلاد من مختلف مناطق الخليج والساحل الفارسي وشبه الجزيره العربيه فتحولت البيوت الواقعه على ضفتي الوادي الى دكاكين وتم استحداث ارصفه لتفريغ حمولات السفن الاتيه من شرق افريقيا والهند والبصره محملة بالمواد الغذائيه ومواد البناء مثل الخشب الدنجل المستورد من الهند لبناء اسقف البيوت وقد ادى هذا النوع من الاعمال التجاريه الى نشؤ العماير وبعد ان كانت السفن تفرغ حمولتها في ارض مفتوحه اخذ اصحاب هذه البضائع يحيطونها باسوار اما المواد التي تحتاج الى حمايه من الشمس كالتمور وغيرها من المواد الغذائيه فبنيت لها مخازن مسقوفه ولحماية هذه المناطق ليلا قام الشيخ بوضع حراس لها .


اعادة بناء الماضي

مكان ساحر يدفعك الى اكتشاف ما يخبنه لك من ثروة تراثيه ومعماريه رائعه فما ان تدخل سوق واقف حتى تجذبك تلك الطرقات الضيقه المتعرجه التي تظهر كنوزا معمارية واعمالا فنيه لا تضاهي ابدعتها اجيال متلاحقه من الفنانين فاذا بكل ما في السوق ينضح بسحر خاص ينبعث من الجدران العاليه والمداخل الخشبيه بدأ العمل في اعادة احياء سوق واقف عام 2004م بتوجيهات ساميه من حضرة صاحب السمو اليخ حمد بن خليفه ال ثاني حفظه الله تحت الاشراف المباشر لسعادة السيد حمد بن خليفه العطيه السكرتير الخاص لسمو الامير وولي العهد ورئيس مكتب الهندسي الخاص وذلك بعد ان كانت الفوضى تستبيح المكلان فتشوهت معالم السوق العتيق جراء الافراط وضع النوافذ المعدنيه واجهزة التكييف كما كانت الابنيه الاثريه قد تداعت وقامت على انتقاضها اخرى اسمنتيه حديثه تفتقد للهويه الثقافيه او المسه الجماليه وقد وضعت خطه اعادة احياء السوق وبناته بعد دراسه مستفيضه لتراث قطر المعماري ومواد البناء ومن خلال عشرات الصور الفوتغرافيه التي التقطت من الجو في منتصف الاربعينات والخمسينات فضلا عن السجلات والوثائق الرسميه الخاصه بتلك الابنيه كما تمت الاستعانه بروايات السكان الذين عاشوا في الموقع القديم فكانت بمثابة دليل اعتمدته خطة اعادة الاعمار فتم هدم الابنيه الحديثه ليزال النقاب عن أثار الابنيه التراثيه القديمه واستبدلت لسقوف المعدنيه بأخرى من خشب الدنجل والخيزران تغطيها حصيرة وفوقها طبقة من الطين الممزوج بالنين لشد الطبقتين الي بعضهما البعض وحماية المبنى والقاطنين فيه من حرارة الشمس كما ان الممرات اصبحت بامكاننا اليوم ان نعاين باعجاب نتائج جهود صاحب السمو امير البلاد في الحفاظ على تاريخ قطر الحضاري والتنعم بخبرة وتجربة من نوع اخر ليتجلى (( سوق واقف )) اليوم بأبهى حلة وبشهادة الجميع ولكي نعي عظمة التنوع في هذا السوق لا بد لنا من ان نكون على بينه بأن الفن المعماري القطري لطالما تميز بالبساطه وعبرت الابنيه عن حجم ثروة اصحابها فان المنزل الكبير الذي يتألف من طبقين وبوابة فخمة يعود الى نبيل من الاثرياء او احد التجار القادرين على توفير هذا الامتياز كما ان العدد الكبير للجوامع التي يضمها السوق والقلعه والدكاكين فيعكسون تنوع مجتمع الدوحه وعلينا الا ننسى ان هذا الطراز المعماري القديم كان ولا يزال يتاثر يمناخ الصحراء فاذا بالسوق يعبر بوضوح وبحد ذاته عن صراع الانسان ضد شمس الصيف الحارقه وتطور اساليب التعامل معها كما يعكس حسن ضيافة الشعب القطري وميزات ثقافتهم المتداخله اذ انهم يحرصون على سبيل المثال على تخصيص الدهليز وهو اهم جزء من البيت لاستقبال الضيوف ما يدل على حرص القطريين على تأميين مكان ومن خلال هذا الكتاب الذي يلقي الضوء على جوهرة تاج الدوحه نتمنى لكم ان تستمتعوا في اكتاف سحر مدينتنا القديمه كما تمتع بها السياح الذين توافدوا اليها من مختلف انحاء العالم في انتظار ان نرحب بكم انتم في سوق واقف لنعي معا حلم التاريخ العابق بالتراث والفن والجمال